قراءة في كتاب " الدين للحياة"
الحمد لله وحده ،والصلاة والسلام على من لانبي بعده، وعلى اله وصحبه ومن اقتفى أثره، وبعد فضيلة الرئيس المحترم سيدي محمد الصالحي ، السيدين المنسقين ، السيدتين المنسقتين، السادة المرشدين والسيدات المرشدات كل بجميل وصفه وكريم نعته حياكم الله جميعا وبياكم وسدد على طريق العلم والحق والدين خطانا وخطاكم، فيطيب لي أن ألقي بين أيديكم خلاصة أحد المحاور الأساسية التي تناولها كتاب الدين للحياة، ألا وهو :
الوازع السلطاني وعلاقته بالدين والتدين لتحقيق الحياة الطيبة.
يبرز كتاب الدين للحياة أهمية الوازع السلطاني إلى جانب الوازع القراني في تنظيم الحياة الفردية والجماعية وترشيد تدين الناس لتقليص الهوة بين الدين والتدين بهدف تحقيق الحياة الطيبة التي وعد الله بها عباده المؤمنين. فما هو أثر الوازع السلطاني في ترشيد تدين الفرد والجماعة؟ وما أثره في حفظ النظام؟ وما ثمار تكامل الوازع السلطاني مع الوازع القراني ؟ وكيف يمكن للوازع السلطاني أن يضمن حياة طيبة للجميع؟
1. أثر الوازع السلطاني في ترشيد تدين الفرد والجماعة: من معاني الوزع "المنع والنهي والزجر " ومنه : وزع الظالم إذا كفه ومنعه ، أو زجره ونهاه، وعلى هذا الاساس يحمل الوازع السلطاني لأنه يؤول إلى نفس النتيجة التي هي منع وكف كل أشكال الأذى، والظلم والفساد التي يقترفها بعض الناس ضد اخرين ،فوازع السلطان قوة مادية قاهرة تلزم المخالفين بالانضباط للنظام العام والقانون إلزاما ، جاء في الأثر عن سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه "من لم يكن القران له وازعا كان له السلطان كذلك" أي من لم يستنر بنور القران ، ويهتد بهديه ويتخلق بأخلاقه، وشذ عن ذلك شذوذا، لزم تدخل السلطان لقمع هذا الشذوذ ومنع تلك المخالفات وما يترتب عليها من مفاسد ومضار على جماعة المسلمين.
2. أثر وازع السلطان في حفظ النظام: وازع السلطان هو قوة النظام والقانون المادية التي تلزم الناس بالانضباط إليها، وحفظ الأمن وسلامة الوطن والمواطنين وضبط مرافق الحياة العامة ولهذا يحمل الناس على الالتزام اضطرارا وليس اختيارا ولو استدعى الامر الزجر والردع بالإكراه البدني بالنسبة للخارجين والمنتهكين للحدود ، فنصب الإمامة العظمى التي لها وسائل وأجهزة مختلفة من جيش وشرطة ومؤسسات في الصحة والقضاء وباقي القطاعات لحفظ كليات الشرع (الدين والحياة والعقل والمال والعرض) من الضرورات الشرعية الواجب إقامتها.
3. ثمار تكامل الوازع السلطاني والوازع القراني :إن وازعي القران والسلطان ، وازعان متكاملان ، وليسا متقابلين ضرورة كما يتوهم البعض ففي القران دعوة صريحة الى النظام وطاعة اولي الامر والى رعاية مصالح العباد وحماية امنهم وصون حقوقهم والتكافل في معاشهم والسعي بالمعروف فيما بينهم كما أن أصل وظيفة وازع السلطان في السياسة الشرعية إنما هو حماية الملة والدين وسياسة الدنيا به والتمكين لقيمه وأحكامه ، ولا شك في أن لزوم الناس واتعاظهم بالوازعين معا فيه صلاحهم في دنياهم ومعاشهم حيث أمنهم وتعاونهم، وفلاحهم في أخراهم ومعادهم حيث ثوابهم وجزاؤهم.
4. كيف يمكن للوازع السلطاني أن يضمن حياة طيبة للجميع : إن الحياة الطيبة التي وعد الله بها عباده المؤمنين ، تتأسس أصالة على معاني التوحيد وقيم الدين وأحكام الشريعة التي تحفظ للناس دينهم ، وتعصم دماءهم وتستر أعراضهم ، وتضمن أموالهم وتصون عقولهم والسبيل إلى ذلك هو انتهاج طريق الوسطية والاعتدال المنتزع من وازع القران المعزز بوازع السلطان إذلا يمكن التعويل على مجرد إرادة الأفراد ،لأن الناس بحاجة إلى مقومات الحياة الجماعية المحققة الحياة الطيبة ،ومنها الأمن والعدل وكف يد العدوان ودفع الفتنة ، والإمامة العظمى هي القادرة بوسائلها على ضمان هذه المقومات ، وبالتالي فإن وجود الوازع السلطاني واجب ديني وضرورة عرفية لترشيد تدين الناس أفرادا وجماعات لتحقيق الحياة الطيبة.
وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد واله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين. من إعداد المرشدة: نعيمة حميمو
اكتب تعليقك